ينصب سعي هذه الدراسة على إجراء مقارنة في الخطوط العامة بين أصول القانون وأصول الفقه، وتنصب المقارنة على القيام باستعراض أهم أربعة خطوط رئيسية هي: مبادئ الشريعة الإسلامية، العرف، القانون الطبيعي، وقواعد العدالة، وتكمن إشكالية هذا البحث في كون كل من القانون وأصول الفقه بمثابة المرجعية للمكلفين عند التنازع، وهناك تشابه كبير بين كل من أصول القانون وأصول الفقه فيما يتعلق بمنهج استنباط هذه الأحكام، وقد أحدث هذا غموضًا في حقيقة العلاقة بينهما، مما يجعل هناك حاجة لإزالة هذا الغموض، وبيان أوجه الاتفاق والاختلاف، وهذا ما انصب عليه هذا البحث: وتتناول هذه الدراسة في أجزائها ما يلي: عرض لمصادر الأحكام الأصلية والتي تتمثل في: (الكتاب والسنة والاجماع والقياس)، وعرض لمبادئ القانون العامة وتوضيح أنها ليست على وتيرة واحدة ففيها العام وفيها الخاص وفيها واضح الدلالة وفيها خفي الدلالة وهذا كله لا يتم معرفته الاعن طريق دراسة علم اصول الفقه، والتأكيد على أن مصادر الأحكام التبعية تعتبر معياراً يرجع اليه القاضي في تطبيق الأحكام، يأتي أهمها المصلحة المرسلة والعرف وتأتي أهمية العرف في أن الأحكام المتأثرة بالأعراف تتغير بتغيرها وأن العرف يعتد به في القانون فهو يعتبر معيارا يرجع اليه القاضي في تطبيق الأحكام، وفي حالة التخاصم وعدم وجود بينة يرجح إلى الرأي الذي يؤيده العرف.
وتأتي أهمية هذه الدراسة في توضيح أن كل من الدين والقانون يهدف إلى جعل الناس مواطنين صالحين مبدئيًّا، فشارع الدين هو الجبَّار ذو القوة المتين؛ ومبلغه هو محمد الصبار ذو العزيمة الأمين؛ وكتابه هو القرآن الذي تحدى كل إنسان وأعجز؛ ولسانه هو العربي الذي أخرس كل لسان وأبان؛ وقواده الخالديون هم الذين أخضعوا لسيوفهم رقاب كسرى وقيصر؛ وخلفاؤه العمريون هم الذي رفعوا عروشهم على نواصي الشرق والغرب.