إن الهدف من دراسة قاعدة مفهوم الشرط عند الأصوليين وما بني عليها من فروع فقهية: تأصيل هذه القاعدة بذكر أدلتها, وبيان مدركها, حتى يطمئن من يستدل بها, ويقيم الحجة بناءً عليها, فيكون حكمه مقبولًا, ورأيه الاجتهادي في التفريعات الفقهية سديدًا صائبًا مقنعًا, فضلًا عن حله لمشكلات عويصة من عبارات الناس والواقفين في شروطهم.
فيتضح للقاصي والداني أهمية هذا العلم وعظيم مكانته في نفوس طلاب العلم عامةً, وطلاب الأصول خاصةً, وأنه سيظل حيًا ما بقيت الحياة.
وقد اتبعت في بحث هذه المسألة منهجًا نظريًا وآخر تطبيقيًا, فجاءت مادته العلمية في بابين: أما في الجانب النظري فجليت هذه المسألة ببيان ماهيتها وحجيتها, محررًا محل النزاع, ما أمكن ذلك, حتى يظهر موضع الخلاف بين الأصوليين, فأصلت كل مذهب من مصنفاته ما أمكن وأوضحت أدلتهم استدلالًا ودفعًا ومناقشة وردًا بدون تعصب, وإنما أدور مع الدليل أينما دار حتى يظهر لي المذهب الراجح فأختاره مسببًا.
وأما الجانب التطبيقي فأختار عنوانًا للمسألة مناسبًا لموضعها, مع بيان تخريجها على القاعدة ثم بيان حكم المذاهب الفقهية المتبوعة بشأنها مبينًا المختار لي بعد ذكر أدلتها المناسبة لهذا الأصل والإمساك عن سائرها, كل هذا في عبارة سهلة محققة بعيدة عن الحشو والتعقيد حتى يكون هذا البحث تبصرة للمبتدئ وتذكرة للمنتهي.
ثم ختمت هذا البحث بخاتمة تضمنت أربع عشرة نتيجة مفادها: أن الشرط الأصولي هو دلالة اللفظ الذي علق فيه الحكم على شئ من أدوات الشرط على ثبوت نقيض ذلك الحكم للمسكوت عنه عند انتفاء ذلك الشرط, وهو حجة, وإنكاره مكابرة, وهو معلوم من لغة العرب والشرع, وأوصي إخواني من طلاب هذا العلم الشريف الذي يُدرس في جامعة الازهر الشريف في بعض كلياتها النظرية أن يشبعوا هذه المسألة ونظرائها من القواعد الأصولية, ما تستحقه من دراسة متأنية عميقة, ويستخرجوا من كتب التفسير والحديث وشروح الحديث فروعًا فقهية عديدة متنوعة بنيت على هذا الأصل وغيره من الأصول, ليكونوا أداة فقه وعلم و خير وتيسير وأمن وأمان للمجتمع الإنساني كله, والله الموفق.